أخبار الساعات

“ماد إيديشنز” M.A.D.EDITIONS

بداية المغامرة

قليلة هي العلامات التي أبصرت النور لتكون عربون شكر. القوة الدافعة خلف علامة ماد إيديشنز كانت نوعًا من الإحباط الناتج عن عدم قدرة الجميع على شراء ساعة أم بي آند أف باهظة الثمن، بما في ذلك عدد من أصدقاء مؤسّس علامة أم بي آند أف، ماكسيميليان بوسر، و أفراد من عائلته؛ وكانت البداية كمشروع جانبي لشكر داعمي أم بي آند أف الذين كان لهم دور كبير في نجاح العلامة.

جدير بالذكر أنّ ماكسيميليان كان قد فكّر، أثناء عمله على إنشاء أم بي آند أف، قبل قرابة عقدين من الزمن، بعلامة ساعات موازية تكون بسعر معقول. وقد كان المشروع جنونيًا بعض الشيء؛ في ذلك الوقت، كان اهتمامه يتركّز، بطبيعة الحال، على علامة أم بي آند أف، ولم يكن قادرًا على جمع التمويل الكافي لإطلاق العلامة وإنجاحها. إلّا أنّ الفكرة لم تغادره أبدًا، بل كانت تعتمل في باله… حتى عام ٢٠١٤، عندما عاودت الظهور على السطح. وبعد أشهر من العمل، قرّر ماكس مجددًا أن يضع جانبًا النموذج الأولي لِما أصبح في ما بعد M.A.D.1، والذي عاد مرّة جديدة في عام ٢٠٢٠، في بداية جائحة كورونا، حيث عقد فريق أم بي آند أف اجتماعات لساعات طويلة على تطبيق زوم، تبادلوا خلالها الأفكار بشأن مشاريع جديدة.

ومن عام ٢٠٢٠ حتى منتصف عام ٢٠٢١، عمل فريق أم بي آند أف على صقل التصميم ووضع اللمسات النهائية عليه –وبذل جهدًا لتصنيع بضع مئات من القطع. ولم تقِلّ هذه الساعة إبداعًا عن أيّ من ابتكارات أم بي آند أف، لكنّها بسعر معقول أكثر. ولم يكُن من الممكن أن تحمل اسم أم بي آند أف طبعًا؛ ولإبقاء السعر مقبولًا، لم يكُن من الممكن أن تكون الهندسة، التعقيد والزخرفة بنفس مستوى ساعات “هورولوجيكال ماشينز” و”ليغاسي ماشينز” من أم بي آند أف. وقد اختار الفريق اسم ماد إيديشنز الذي يربط بين الساعة وعالم الفنون الميكانيكيّة لصالات عرض “ماد غاليريز” التابعة للعلامة.

ساعة M.A.D.1 Blue: “إصدار فريندز آند ترايب”

ولم يتمّ “إطلاق” ساعة M.A.D.1 أبدًا. في يونيو ٢٠٢١، من دون أيّ إنذار مسبق، تمّ ببساطة تقديمها من خلال رسالة إلكترونية قصيرة، مرفقة ببعض الصور، إلى المورّدين الذين تتعامل معهم علامة أم بي آند أف وهواة جمع القطع المميّزة. لم يجر الإعلان عنها على موقع العلامة أو صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي. إلّا أنّ هذه الرسالة البسيطة أدّت إلى عاصفة إعلاميّة غير مسبوقة بالنسبة إلى أم بي آند أف.

بدا من المستحيل تصديق أنّ علامة أم بي آند أف، التي تتراوح أسعار ساعاتها بين ٦٠ ألف و٥٠٠ ألف دولار أمريكي، قد تقدّم ساعة لا يزيد ثمنها عن ١٩٠٠ فرنك سويسري + الضريبة (أي حوالى ٢٠٠٠ دولار أمريكي). في ذلك الوقت، وبما أنّ الهدف من المشروع كان حصرًا تقديم الشكر لكلّ الذين ساهموا في إنشاء أم بي آند أف، لم يكُن من المقصود أن يكون تجاريًا، ولم يكُن السعر يعكس القيمة الفعلية للساعة.

عُرض الإصدار الأول من ساعات M.A.D.1 – التي يسهل التعرّف عليها من خلال اللمسات اللونية الزرقاء – على مجموعتَين محدّدتين جيدًا: أولًا، شبكة مورّدي أم بي آند أف – “الأصدقاء”، كما تسمّيهم العلامة – الذين ساهموا في ابتكار ساعاتها منذ عام ٢٠٠٥. من صانعي الأقراص إلى صانعي العقارب، الأشخاص الذين يصنعون علب ساعات العلامة، مضابط الانفلات، مكوّنات آليات الحركة وكريستال الصفير؛ يُضاف إليهم المصوّرون، الكتّاب، المصمّمون وغيرهم من المبدعين الذين شاركونا المسيرة.

أمّا المجموعة الثانية فكانت الأعضاء المسجّلين في “ذا ترايب”، نادي مالكي ساعات أم بي آند أف – هواة جمع القطع المميّزة، العملاء الذين دعموا العلامة منذ البداية عن طريق اقتناء ساعات هورولوجيكال وليغاسي ماشينز. وبالمناسبة، قرّر الفريق لاحقًا أن يحتفظ أعضاء “ذا ترايب” بإمكانيّة الوصول الدائمة إلى الإصدارات المستقبلية من ساعات ماد إيديشنز، إقرارًا منه بأنّ علامة أم بي آند أف ما كانت لتُبصر النور لولاهم.

كان من الممكن لهذا الشكر إلى مورّدي أم بي آند أف وهواة جمع ساعاتها المميّزة أن يتوقّف عند هذا الحدّ – لكن في عالم اليوم القائم على وسائل التواصل الاجتماعي ومجموعات الدردشة، انتشر الخبر في مجرّد أيام. وبمجرّد اقتنائهم ساعة M.A.D.1، بدأ الأصدقاء وأعضاء “ذا ترايب” بمشاركة ساعتهم الجديدة مع العالم، ما حرّك رغبة عشّاق الساعات حول العالم بهذه الساعة. وبعد بضعة أسابيع من التهافت على الساعة، أدرك فريق أم بي آند أف بأنّه سيكون من المستحيل حصر المشروع بالمورّدين وهواة الجمع الحاليّين – وتعيّن عليه التفكير في جعل ماد إيديشنز متاحة لجمهور أوسع.

حماسة وتهافت مبرّران

ابتُكرت ساعة M.A.D.1 بنفس القدر من الإبداع كساعات أم بي آند أف، لكن مع قيد إضافي، يُمكن اعتباره أكثر صعوبة حتى: السعر المعقول. إنّ استحداث آلية حركة من الصفر كان ليكون مكلفًا للغاية بالتأكيد، لذا، كان لا بدّ من العمل على تعديل معايرة مجرّبة ومثبتة الفعاليّة. ومن بين الخيارات المحتملة، وقع الاختيار على آليّة Miyota 821A نظرًا لنظام تعبئتها الأحادي الاتجاه – الضروري لسرعة وسهولة دوران دوّار التعبئة، الذي يعدّ عنصرًا أساسيًا من عناصر تصميم M.A.D.1.

وقد اتّسمت بنية العلبة وعرض الوقت بطابع مبتكر على نحو خاص، حيث نجد الآلية مغلّفة في وضعية مقلوبة، ما يسمح لصانعي الساعات بتثبيت الدوّار الثلاثي الشفرات المطوّر خصيصًا، والمصنوع من التيتانيوم والتنغستن، من جانب القرص – وهي من السمات المميّزة لعدد من ساعات أم بي آند أف. وقد وُضعت مؤشّرات الساعات والدقائق الدوارة على أسطوانات من الألمنيوم موجودة على جوانب العلبة، في إشارة أخرى إلى مؤشرات العرض الجانبيّة التي يفضّلها الكثيرون والتي نلاحظها في عدد من ساعات أم بي آند أف.

تُطلّ ساعة M.A.D.1 في علبة من الفولاذ المقاوم للصدأ بقطر ٤٢مم، وهي تضمّ أجزاء كبيرة من الزجاج المعدني وكريستال الصفير، وقد عُزّزت بلمسات زرقاء وكميّة كبيرة من مادة سوبرلومينوفا، حول الدوّار كذلك، لساعات من الدوران المسلّي في الظلام.

معضلة الإنتاج

يصنع فريق أم بي آند أف الصغير والعالي المهارات، من المهندسين وصانعي الساعات، حوالى ٤٠٠ ساعة في السنة. ومع أنّ M.A.D.1 لم تكن بنفس مستوى تعقيد الساعات التي يعملون عليها عادة، تعيّن عليهم مع ذلك أن يعدّلوا آلية الحركة الأساسيّة، يركّبوا أسطوانتَي الساعات والدقائق، والدوّار الكبير الحجم، يُثبّتوا علبة الساعة وينفذوا الاختبارات النهائية.

وكان تجميع مئات أو آلاف ساعات M.A.D.1 أمرًا غير وارد، أو حتى خطيرًا على النشاط الأساسي للعلامة. لكن بعد نقاشات داخليّة مطوّلة، تقرّرت الاستجابة للطلب المدهش على مزيد من ساعات M.A.D.1، على أن يتمّ التقدّم خطوة بخطوة، مع توخّي أكبر قدر ممكن من الإنصاف.

M.A.D.1 RED: أول إصدار في متناول الجميع

جرى الكشف عن ساعة M.A.D.1 RED أمام الجمهور في مارس ٢٠٢٢، وهي تتميّز بتصميم باللون الأحمر القرمزي النابض بالحيوية. كما أنّ لها سماتها المميزّة الخاصة، وهي تشمل إطارًا أرفع وتاجًا دائريًا تقليديًا أكثر، بدلًا من التاج الشبيه بالمفتاح في الإصدار السابق. كما أُجري تحليل أعمق للتكاليف الفعلية التي تنطوي عليها عمليّة تطوير، تصنيع وصيانة ساعات ماد إيديشنز، وتمّ بناءً عليه تعديل السعر ليصبح ٢٩٠٠ فرنك سويسري + الضريبة (أي حوالى ٣١٠٠ دولار أمريكي).

ثمّ قام الفريق بتصنيع دفعة أولى من ١٥٠٠ ساعة M.A.D.1 حمراء. وتوخيًا لأكبر قدر من الإنصاف، أُعطيت الأولويّة للذين سبق أن تكبّدوا عناء توجيه رسالة إلكترونية إلى العلامة، أعربوا فيها بوضوح عن اهتمامهم بشراء إصدار مستقبلي محتمل من الساعة. بالنسبة إلى البقية، تمّ استحداث سحب على المتجر الإلكتروني للعلامة حيث يُمكن للمهتمّين أن يتسجّلوا للحصول على تذكرة مجّانية للمشاركة في سحب يخوّلهم الفوز بالحقّ في شراء إحدى الساعات المتوفّرة المتبقّية. وقد أمل فريق أم بي آند أف بأن يجذب السحب ربّما بضعة آلاف من عشّاق العلامة… لكن بعد تنظيف دقيق للقائمة، لاستبعاد المشاركات المتعدّدة ومشاركات الروبوتات، كان عدد المشاركين ١٩٠٠٠! وقد جرى اختيار الفائزين المحظوظين عشوائيًا من خلال سحب – تحت إشراف موظّف قضائي – وجرى تسليم ساعات M.A.D.1 RED بين مارس وديسمبر ٢٠٢٢.

وشهدت نهاية عام ٢٠٢٢ مكافأة رائعة تمثّلت في فوز ساعة M.A.D.1 RED بجائزة التحدّي في مسابقة جائزة جنيف الكبرى للساعات (GPHG)، التي تكافئ أفضل ساعة للعام يقلّ ثمنها عن ٣٥٠٠ فرنك سويسري.

إدراكًا للهوّة القائمة بين العرض والطلب، قرّرت أم بي آند أف أن تُصنّع دفعة ثانية من ساعات M.A.D.1 RED، أُتيحت كذلك من خلال سحب أُجري في فبراير ٢٠٢٣. هذه المرة، استقطب السحب أكثر من ٢٢٠٠٠ من عشّاق العلامة – وقد تهافت الفائزون لشراء الساعات الـ١٥٠٠ المتوفّرة.

نظام سحب القرعة

شكّل اختيار الطريقة الأكثر إنصافًا لتوزيع ساعات M.A.D.1 موضوع نقاش داخلي لفريق أم بي آند أف استمرّ لساعات طويلة. وقد اعتبر الفريق بأنّ الأنظمة المعتادة – بما في ذلك إصدار كميّات محدودة، الانتظار في طوابير لا متناهية لدى متاجر البيع بالتجزئة، أو قوائم الانتظار التي لا تنتهي – محبطة للغاية للعملاء. وتقرّر ختامًا بأنّ سحوبات القرعة هي الطريقة الأكثر إنصافًا: فهي تمنح الجميع فرصة عادلة ومتسعًا من الوقت للتسجيل، بما أنّ التسجيل في سحب القرعة يبقى مفتوحًا لمدة أسبوعين تقريبًا.

وبما أنّه لا يوجد نظام مثالي؛ فسحوبات القرعة لا تُلغي تمامًا وصول الشخصيّات البغيضة التي تسعى لإعادة بيع الساعات من أجل تحقيق أرباح ماليّة، إلّا أنّها تبقى أكثر طريقة حيادية للمهتمّين فعليًا في اقتناء ساعة M.A.D.1. كما أنّها تتيح وقتًا كافيًا لتنظيف قوائم التسجيل، استبعاد المشاركات المتعدّدة ومشاركات الروبوتات التي لا مفرّ منها؛ فالفريق يُمضي عادة قرابة أسبوع بعد انتهاء مرحلة التسجيل، لتنظيف القائمة على أفضل وجه ممكن، قبل إجراء السحوبات العشوائية، التي تجري تحت إشراف موظّف قضائي.

ساعة M.A.D.1 GREEN

بعد ساعة M.A.D.1 Blue الأصلية (إصدار “فريندز آند ترايب”) وساعة M.A.D.1 RED، تنضمّ ساعة M.A.D.1 GREEN إلى تشكيلة ماد إيديشنز الملوّنة في سبتمبر ٢٠٢٣. مع هذا الخيار الجديد باللون الأخضر النابض بالحيويّة، سيحظى عشّاق العلامة وهواة جمع القطع المميّزة الذين لم يتسنّ لهم اقتناء ساعة M.A.D.1 الخاصة بهم بعد، بفرصة أخرى – بقليل من الحظّ – ليتمّ اختيارهم وينضمّوا إلى أصحاب الموديلَين الأزرق والأحمر.

ستتوفّر الدفعة الجديدة من الساعات الـ١٥٠٠ الخضراء عبر نظام سحب القرعة المعتاد لساعات ماد إيديشنز، حيث يُمكن لعشّاق الساعات أن يتسجّلوا للحصول على بطاقة على متجر M.A.D.Gallery الإلكتروني. سيبدأ التسجيل في سحب القرعة بتاريخ ١٢ سبتمبر، ويستمرّ لمدة أسبوعَين، وبعد المعالجة وتنظيف القائمة، ستدخل البطاقات في سحب (يُشرف عليه كالعادة موظّف قضائي)، يُختار الفائزون المحظوظون فيه عشوائيًا. سيتمّ الإعلان عن النتائج مطلع شهر أكتوبر، أمّا تسليم الساعات فمن المقرّر أن يتمّ بين أكتوبر ٢٠٢٣ وأبريل ٢٠٢٤.

لقد كانت مسيرة ماد إيديشنز جنويّة تمامًا – لا نعتقد بأنّ ثمّة كلمة أفضل – وهي أبعد ما يكون عن النهاية. ترقّبوا منّا المزيد من التطوّرات في عام ٢٠٢٤ وما بعده!

مقالات ذات صلة